قيمنا الروحية بين مطرقة التنمية وسندان الكهنوت


قيمنا الروحية بين مطرقة التنمية وسندان الكهنوت


تتابعت هذه الأيام أحداث تعكس تنامي الاحتقان الطائفي بشكل متزايد في مختلف ارجاء الشرق الأوسط. وتحمل لنا صفحات الجرائد صورا وأنباء تؤكد بأن هناك خلل واضح وخطير في منظومة القيم الأخلاقية بالمنطقة وانهيار متسارع لحالة التعايش والتسامح وتقبل الآخر في مجتمعاتها.

ما الذي حدث لنا في المنطقة؟ وكيف وصلنا إلى هذه الحال؟ فمن حيث التطور والتقدم شهدت منطقة الشرق الأوسط نقلة كبيرة خلال أقل من قرن من حيث المشاريع التنموية. ومهما كانت انتقاداتنا وملاحظاتنا على نواقص هذه التنمية، إلا أننا لا يمكن أن ننكر بأن هناك بون شاسع بين ما كنا عليه قبل أقل من قرن، وما نحن عليه اليوم. وبما أن المشاريع التنموية والحضارية ساهمت في تطور المجتمعات وجعلتها أكثرا علما وانفتاحا وتمدنا واقل انغلاقا وتفردا، فلماذا إذن كنا أكثر تسامحا وتعايشا عندما كانت الأمية في أعلى درجاتها، وكانت حواضر المنطقة أشبه بقرىً فقيرة وبوادٍ متهالكة؟ ولماذا كنا أكثر ترابطا وانسجاما وأقرب للاتحاد رغم بعد المسافات وقلة السفر وندرة الروابط الاقتصادية والتبادلات الثقافية.

أما من حيث القيم والأخلاق؛ فالمنطقة مهد عدد كبير من الحضارات الدينية بالعالم، وتعتبر اليوم من أكثرها تمسكا بالدين وبالموروث المعتقدي؛ فنسبة الذين يؤدون العبادات في المساجد والمعابد بالشرق الاوسط اليوم قد يكون الأعلى في العالم، ولن نبالغ إذا قلنا بأن عدد المآذن وأجراس الكنائس والمصلين أضعاف ما كانت عليه في الأعصار الماضية مجتمعة. وحيث أن الدين لعب دورا هاما وأساسيا في تأسيس وترسيخ القيم الأخلاقية عبر التاريخ، فلماذا إذن الكراهيات والطائفية في ازدياد مستمر؟  وإذا كانت الرسالات جاءت لتخرج الناس من الجاهلية المتوحشة إلى نور الإيمان ولطافته، كيف نفسر إذن جز الرقاب وهتك الأعراض وتشريد البشر وتعاطف الكثير مع هذه الجرائم؟   وبما أن العمل الصالح والكلمة الطيبة ومكارم الأخلاق هي وصية السماء للبشر، فلماذا نسمع هذا الكم الكبير من الخطاب الطائفي المشحون بالحقد والكراهية والألفاظ غير اللائقة، ومن أين ظهرت آلاف الكتب التي لا تدعوا إلى شيء سوى إلى كره الآخر وذمه؟ 

وبغض النظر عن التفسيرات والتبريرات هناك حقيقة واحدة لا يمكن أن انكارها، وهي أننا في خضم قرن من خطط التنمية ومشاريعها ونصف قرن من صحوة أرادت أن تقربنا إلى نبع القيم الأخلاقية، فشلنا في خلق قيم التعايش والتسامح والتآلف والحوار في مجتمعاتنا، وعجزنا عن تنمية الروح الإنسانية والفطرة السوية أو غفلنا عنها.  دعونا نسترجع ما حدث بإيجاز علنا نكتشف الخلل ونعالجه قبل فوات الأوان.

انهمكت مجتمعات الشرق الأوسط منذ اقل من قرن – أسوة بأقرانها – في تطبيق وتبني خطط تنموية تهدف إلى التقدم والرخاء الاجتماعي والاقتصادي من خلال أهداف ومقاييس مادية اعتمدت على عدد من الأفكار والنظريات التي آمنت بأن التطور الاقتصادي والمادي كفيل بإحداث التطور الاجتماعي، ورغم تباين هذه النظريات إلا أنها جميعا كانت تَعِدُ بالتخلص من الفقر والجهل والوصول بالبشرية إلى فهم راق للهوية الإنسانية. ففي العقود الأولى والوسطى من القرن العشرين سارت شعوب العالم، بالإقناع تارة وبالاستبداد تارة أخرى، وبنمط متسارع، نحو التطور المادي بحثا عن التقدم والعدالة والرخاء.

تخللت هذه المسيرة طفرات ضاعفت من ثقة المجتمعات بهذه النظرة المادية للتنمية، أهمها مشاريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية الطموحة التي اجتاحت العالم بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية. مشاريع عملاقة تميزت باستثماراتها المادية الجبارة وعظمة الطموح والآمال المعلقة بها. ورغم أنه من الاجحاف انكار النقلة التنموية المادية والتقنية الناتجة عن هذه المساعي الحثيثة؛ إلا أنه من المهم أيضا الاعتراف بأنها لم تحقق طموح الكثيرين حول العالم، وبأن القائمين عليها هم أنفسهم يصفونها بأنها لم تنجح في تحقيق وعودها الجميلة. فزادت الهوة وتضاعف الفقر وانتهى القرن العشرون بقدر كبير من اليأس والغضب حتى في تلك المجتمعات القليلة التي جنت نصيب الأسد من خيرات الحداثة.  ورغم المساعي الحقوقية والإنسانية الجادة التي عملت على غرس وتشريع قوانين وأنظمة تؤصل الحقوق وتعمل من أجل مستويات أعلى من العدالة في المجتمعات، إلا أن المجتمعات البشرية دخلت القرن الواحد والعشرين وهي محملة بأمراض ومشاكل اجتماعية عديدة؛ فقد تضاعفت معدلات الجرائم، وتفككت العائلة، واختلت الموازين التربوية، واستشرى الفساد المالي والإداري، وغير ذلك من الامراض الاجتماعية العديدة التي استوطنت مجتمعات العالم من أكثرها ثراء إلى أكثرها فقرا.

يبدو أن العالم قد نسي بأن الانسان بقدر ما هو مخلوق مادي فإنه موجود روحي أيضا، وعليه فإن تنمية مجتمعات العالم لا يمكن أن تتم من خلال اشباع غرائزه وحاجاته المادية فقط – النظرة التي تبنتها معظم النظريات والنماذج الاقتصادية والتنموية.  يتفق الكثير من الباحثين بأن الأديان لعبت دورا تاريخيا هاما في خلق القيم الأخلاقية والضوابط السلوكية بصورة مباشرة وغير مباشرة. إلا أن العالم في بدايات القرن العشرين اعتقد بأن هذه القيم الأخلاقية قد تطورت وتأصلت إلى درجة لم تعد في حاجة إلى دافع روحي أو عامل ديني لبقائها وتطورها.

من الانصاف أن نعترف بأن ما عزز هذا التفكير هو أن المؤسسات الدينية ورجالاتها في كثير من مجتمعات العالم – بما فيه مجتمعات الشرق الأوسط – قامت على مدى قرون بتحويل الدين إلى منظومة كهنوتية حولته إلى طقوس وعادات، وأفرغته من الجانب الروحي، وأبعدته عن روح العصر وتطور العلم. وبالتالي لم يعد بمقدور هذه المؤسسات في تلك المرحلة تقديم حلول أخلاقية وروحية تتناسب واحتياجات التطور والتنمية، بل وتخندقت ضد التطور والتغيير وصدح رجالاتها بلعن وحرمة كل جديد. ونتيجة لذلك تجاهلت المشاريع التنموية والنظريات والرؤى المهتمة بتطوير الفرد والمجتمع التنمية الروحية للإنسان، وصبت جام غضبها على الدين، وبالفعل اعتقد الكثير حول العالم – بمن فيهم أبناء مجتمعاتنا – بأن الرخاء يكمن في التطور المادي فحسب. وبين تعصب قادة هذا الفكر لنظرتهم المادية البحتة وتعصب رجال الدين لموروثهم الكهنوتي اقتنع مئات الملايين من البشر بأن الدين إن لم يكن أفيونا للشعوب فإنه على الأقل عائق للتقدم ومخالف للعلم والمنطق.

ورغم أن هذا الفتور – المؤقت – تجاه الدين راق للفكر الغربي بسبب تناغمه مع ذاكرته الثقافية وموروثه من عصور الظلام وعصور النهضة؛ إلا أن الحال لم يستمر على ذلك المنوال في العالم الثالث – والثاني بعد انهيار الاتحاد السوفيتي – والذي يشكل أكثرية سكان العالم. فسرعان ما رجعت هذه المجتمعات لتبحث في تراثها الديني في محاولة اشباع احتياجاتها الروحية. ففي الشرق الأوسط حيث أخذت المجتمعات تتجه نحو المنحى العالمي منذ بدايات القرن العشرين وانحسرت الكثير من مظاهر التدين فيها، سرعان ما بدأت رحلة العودة بحثا عما يربطها بتراثها الديني أملا في اشباع روحي. فتزايد الاهتمام بالجانب الديني في الخمسينات وظهرت جليّة في السبعينات، ثم انطلقت صارخة في الثمانينات والتسعينات آخذة زخمها من سلسلة من الاحداث السياسية التي نبهتها إلى أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لم تحقق لها العدالة والرخاء المنشودين.

هذه العودة الباحثة لمجتمعات العالم الثالث عموما ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص وضعتها بين مطرقة مادية التطور والحداثة والتنمية والتي لا تعترف بالطبيعة الروحية للإنسان، وسندان القراءة الكهنوتية للنصوص الدينية والتي حصرت نفسها في مفاهيم موروثة وطقوس أبعدتها كثيرا عن روح العصر، فتشتتت رؤى المجتمعات وتباينت التوجهات وزادت الصراعات الداخلية. ومن عجائب التقدير أنه رغم الاختلاف الشديد بين رجال العلم والفكر ورجال الدين واللاهوت إلا أنهم قد اتفقوا دون وعي على اجحاف الماهية والهوية الروحية للإنسان والتي كانت تاريخيا مصدر الالهام للقيم والمفاهيم والسلوكيات الأخلاقية المتماشية مع تطور المجتمع البشري وتقدم العلم واحتياجات العصر.

وكأن كل ما سبق لم يكن كافيا لإشعال فتيل العصبيات والصراعات، جاءت العولمة بما تحمل من خصائص لتهدم المسافات الثقافية بين المجتمعات؛ فما كان مستورا في الماضي بسبب بعد الثقافات عن بعضها البعض من تعصبات أو عورات أو خلافات تاريخية أصبح مشاعا أمام أنظار العالم أجمع وبالأخص بين المكونات المختلفة في المجتمع الواحد. كما أن العولمة أيضا وبفضل التقدم التقني جعلت المعلومة التي كانت في الماضي مقتصرة على نخب خاصة، متوفرة بين أيدي الجميع وعلى بعد نقرة واحدة.  فزاد الطين بلة وتنامت الصراعات وانتقلت من دهاليز رجال الدين إلى حالة جماهيرية واسعة الانتشار. وفي ظل غياب الجانب الروحي الأخلاقي الذي ينبغي أن يتنامى مع احتياجات التطور البشري وصل الاختلاف إلى أوجه منتجا تطرفا في كل اتجاه، ورفضا لكل مختلف.

وباختصار، فإن ما وصلت إليه مجتمعاتنا نتاج فشلين متزامنين، أولهما: عجز القائمين على التنمية عن ادراك أن الانسان ليس موجودا ماديا فقط بل مزيج من تفاعل حالتين مترابطتين من الوجود المادي والروحي، وأن التنمية لن تحقق أهدافها النبيلة إن لم تأخذ هذه الطبيعة بعين الاعتبار. وثانيهما: عجز الكثير من المؤسسات والمنظومات الدينية من استيعاب أن لا حدود للتطور الانسان والمجتمع البشري، وأن إحياء المبادئ الأخلاقية النبيلة التي جاءت بها الأديان لا يكون من خلال حفظ النصوص فقط واستنساخ فهم السابقين وفرضه على الواقع المعاصر.  هذا القصور في فهم الطبيعة الانسانية أوصل مجتمعاتنا إلى متناقضات أفرزت الاحداث المؤسفة المتزايدة يوما بعد يوم في المنطقة، وجعلت أبناء هذه المجتمعات وخاصة الشباب وقودا لعصبيات وصراعات أبعد ما تكون عن روح الدين وأهداف التنمية.

إننا اليوم أحوج ما نكون إلى حراك تنموي حضاري يهتم بالجانب الروحي والوجداني والأخلاقي للإنسان في قالب يتناسب مع واقع العصر واحتياجات الحياة. حراك يعيد قراءة الموروث الفكري والديني ليستخرج منه النماذج المشرقة والمعاني الإنسانية النبيلة والقواسم المشتركة مع سائر حضارات وشعوب العالم. حراك حضاري كهذا لا يمكن أن يؤتي ثماره دون مشاركة فاعلة وصادقة وجريئة من رجال دينٍ وفكرٍ وقادةِ رأيٍ لا يبالون بجماهيرية الخطاب ولا رضاء الجماعات ومراكز القوى بل يهتمون بكل ما فيه خير بلدانهم ومجتمعاتهم وشعوبهم.


ممدوح الروحاني
صحيفة الأيام

الأقليات ميزان تقييم الشعوب في زمن العولمة


الأقليات ميزان تقييم الشعوب في زمن العولمة


صدر مؤخرا تقرير منظمة جماعة حقوق الأقليات Minority Rights Group International عن وضع الأقليات في العراق تحت عنوان "من الأزمة إلى الكارثة From Crisis to Catastrophe ". وكما هو متوقع رسم التقرير صورة لمجتمع يتفكك وتتقطع أواصره بسبب عجز التشريعات والتنظيمات والمؤسسات الداخلية عن حماية أقلياتها، وغياب الإرادة السياسية الفاعلة للحفاظ على الفسيفساء الرائعة للمجتمع العراقي وكبح جماح الطائفية المستشرية، والأهم من كل ذلك تصدر عدد ليس بقليل من رجال الدين والفكر والسياسة والإعلام وقادة الرأي العام لعملية الشحن الطائفي والعرقي والقومي بهدف حصد مكاسب سريعة لجماعاتهم على حساب سائر مكونات المجتمع؛ بالإضافة إلى تكالب مجموعة من العوامل الأمنية والجيوسياسية المحلية والإقليمية التي حولت الأقليات الدينية من كونها مؤشراً للثراء الثقافي إلى ورقة في لعبة قمار سياسية لا تورث غير الدم والألم والتشريد والدمار.

ورغم أن الإرهاب وسفك الدماء وهتك الأعراض ونهب الخيرات وتهجير الملايين باسم الدين هو العنوان الأكثر إيلاما ودموية وبروزا على شاشات وصفحات وسائل الإعلام لدى الحديث عن كوارث إنسانية لن ينساها التاريخ كأحداث جبال سنجار ومجازر الإيزديين (اليزيديين)، وتهجير المسيحيين ونهب بيوتهم وأموالهم، وجز الرقاب على الهوية المذهبية، وسبي النساء والغلمان لمجرد اختلاف المعتقد؛ إلا أن هناك عوامل أخرى لا يمكن التغاضي عنها إذا أردنا أن نحلل بإنصاف ما يحدث في العراق وسائر أقاليم المنطقة. إذ ينبغي أن لا ننسى أو نتناسى بأن بيوت المسيحيين لم تنهب على يد الإرهابيين فقط بل على أيدي الكثير من جيرانهم الذين جمعتهم الجيرة بهم لقرون طويلة! وبأن من أقبلوا على شراء السبايا الإيزديات لم يأتوا من المريخ بل هم أبناء نفس المجتمع الذي طالما تغنى بحب الوطن، وبان إزهاق أرواح الشباب صباح مساء بحجة اختلاف المذاهب يتم بيد أبناء نفس العرق والقومية التي طالما اعتزت بكونها أمة واحدة خالدة.  لا شك أن هناك قصص مشرّفة كثيرة وتضحيات إنسانية عظيمة فلو خُليت خُربت كما يقول المثل؛ إلا أنه من المهم أن نكون على وعي بأن التحدي ليس مجرد وجود شرذمة او جيش من الإرهابيين فحسب بل المشكلة أعمق وأكثر خطورة، إنها تكمن في دواخلنا التي جعلتنا بوعي أو دون وعي بيئة حاضنة ومرحبة بالعنف والكراهية والعنصرية والطائفية ونبذ الآخر.

مخطئ من يعتقد بأن ما سبق ذكره حالة خاصة بالعراق وحده. فالمنطقة للأسف مليئة بنماذج مؤلمة كثيرة تشمل إنتهاكات الحق في الحياة والتعدي على الاعراض وانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحرمان من التعليم والعمل، والحرمان من الهوية والأحوال الشخصية. والقاسم المشترك بين جميع هذه النماذج وجود شرائح كبيرة في مجتمعاتنا تأصل فيها نبذ الآخر وشحنت بخطاب العنف والكراهية وتحول لديها الدين من مكارم الأخلاق إلى معارك للبقاء. مجتمعات فقدت بوصلة التقدم والنماء، واشهرت قيم التعايش فيها عن افلاسها، حيث أصبح اللعن والشتم ثوابا، والموت في سبيل الفتك بالآخر استشهادا، وتدمير البلاد والعباد بهدف القضاء على المختلف مقبولا بل ومحمودا ومستحبا. ومازالت الأيام حبلى بالمزيد.

إن عبارات من قبيل: من أين ظهرت كل هذه الأقليات التي لم نسمع عنها من قبل؟  كنا مجتمعات متجانسة لماذا ظهرت كل هذه الأحقاد والكراهيات؟  هل نحن مختلفون عن بعض إلى هذه الدرجة؟  وأسئلة أخرى شبيهة تتكرر في مجتمعاتنا الشرق أوسطية بكثرة لا تصف تغييرات جديدة طرأت على مجتمعاتنا بقدر ما تضعنا أمام حقيقة أننا لم نكن على اطلاع كافٍ بما في مجتمعاتنا من تنوع، وبأن هذا التنوع الذي ينبغي أن يكون مصدرا للثراء الثقافي والاجتماعي أصبح مصدرا للإزعاج بسبب عدم تعودنا على رؤية وتقبل الاختلافات والتعايش والتسامح مع الآخر؛ فأصبحنا دون أن نعي بيئات طاردة للتنوع وجاذبة بل ومرحبة بالتعصب والكراهية والعنصرية والطائفية والعنف.

في عالم اليوم يقاس نضج المجتمعات وصحتها من خلال قابليتها على احتضان اقلياتها والتعايش مع الآخر وتقبل التنوع، ليس على المستوى الرسمي فحسب بل – وهو الأهم – على مستوى الرأي العام والسلوك الاجتماعي والممارسة الفعلية اليومية بالمجتمع. كما أن حماية الأقليات والتنوع في المجتمعات لا يكون من خلال القوانين والتشريعات المفروضة فقط بل من خلال الوازع الأخلاقي والقيم الإنسانية والدور الإيجابي والمؤثر لرجال الدين والفكر بالمجتمع.  لا يكفي أن ندعي بأننا شعوب كريمة متسامحة أو نعلن بأننا من خيرة الأمم أو نتغنى بسيرة الآباء والأجداد المشرقة، فالادعاءات لا قيمة لها في مصرف التاريخ. بل علينا أن نترجم ذلك إلى فعل اجتماعي حقيقي على أرض الواقع ليصدقنا العالم والتاريخ. فلطالما تغنت البلشفية والنازية بقيمها وأخلاقها وسخّرت لذلك جيوش الكتاب والأدباء والفن فهل صدقهم أحد؟

لا خيار أمام مجتمعات الشرق الأوسط، علينا أن نتحرك فورا لفتح آفاق الحوار واجتذاب العقلاء من جميع الأطراف وخلق فضاءات النقاش الايجابي، وزرع مبادئ ومفاهيم التعايش والتآلف من خلال ثلاث محاور رئيسية: أولا: المدارس والمؤسسات التعليمية ودورها التربوي والتعليمي الهام، بما في ذلك إعادة تقييم المناهج والأنشطة التي تقدم للطالب. ثانيا: النيّرين من رجال الفكر والدين والذين يقع على عاتقهم تنوير الأفكار وتقديم الرأي الآخر المنافي للتعصب والعنف.  وثالثا وسائل الإعلام من خلال تناول قضايا التعايش والتنوع وإظهار أهميتها وفقا للأساليب العلمية والفنية الجاذبة للجماهير.  لقد بادرت عدد من دول المنطقة مشكورة بخطوات ايجابية لدعم التحاور والتعايش على مختلف المستويات، واستثمرت ببناء مؤسسات حاضنة للحوار. كما بادر عدد وإن لم يكن كثيرا من رجال الدين وقادة الفكر من مختلف المذاهب والتيارات باتخاذ خطوات شجاعة لكسر تابوهات التعصب وطرح الأسئلة الصعبة وإعادة قراءة النص الديني بما يتوافق ومعطيات العصر؛ إلا أننا في حاجة ماسة إلى المزيد من المشاركة والعديد من المبادرات والكثير الكثير من التفعيل. فكم من عراقٍ ترى نقدم على مذبح التعصبات حتى نتعلم الدرس؟

ممدوح الروحاني
صحيفة الأيام 

بين أسواق العبيد ونبذ التعايش .. أين اضعنا البوصلة؟

بين أسواق العبيد ونبذ التعايش .. أين اضعنا البوصلة؟


قبل عدة أيام كنت أقرأ عن تاريخ الرق وأسواق العبيد في منطقتنا العربية واستذكر الاحداث والتداعيات التي أدت إلى منع واختفاء هذه الظاهرة القبيحة من مجتمعاتنا منذ نصف قرن فقط.  ورغم أن مجرد تصور أن بيع البشر كان تجارة رائجة وعادة دارجة يسبب الغثيان، إلا أن أكثر ما هالني حقيقتان لا بد أن نتذكرهما لنتعلم من تاريخنا ونتجنب تكرار الأخطاء. 

الحقيقة الأولى هي أن منع أسواق العبيد والنخاسة واختفاء هذه الظاهرة المخجلة وسن القوانين لحظرها في معظم أقاليم المنطقة لم تكن نتاجا داخليا لتطور فكري او أخلاقي لمجتمعاتها بل لمجموعة من الأحداث والاتفاقيات السياسية التي فرضت عليها احترام حرية الانسان ومنع العبودية للبشر، لتكون بذلك من أواخر الشعوب التي تركت هذه العادة المخجلة.

من الانصاف طبعا الإشارة إلى أن العبودية لم تكن مقتصرة على منطقة واحدة من العالم وأن معظم شعوب العالم تلطخ تاريخها بأحداث مؤلمة ومخجلة مرتبطة باستعباد البشر؛ إلا أنه من المهم أيضا أن نتذكر بأن نضوج الوعي الإنساني وتنامي القيم الأخلاقية والمساعي الجبّارة لقادة الفكر والتربية في العديد من اقطار العالم كان المحرك الرئيسي للانحسار التدريجي لهذه الظاهرة واختفائها.  بينما في مناطق أخرى من العالم – ومنها شرق اوسطنا العزيز – لم تتحرك المشاعر الإنسانية في اتجاه منع هذه الممارسة بل على العكس ازدهرت تجارتها وتنوعت مصادرها، إلى أن أجبرنا العالم على أن نصحو. فالفرمان العثماني الصادر في عام 1855م لمنع تجارة الرقيق لم يكن إلا نتاجا لضغوط سياسية وعسكرية مارسها حلفاؤها مقابل دعمهم لها، بعد أن تحولت امبراطورية الباب العالي إلى رجل مريض يحتاج إلى عكازة الحلفاء.  ورغم هذا الفرمان وسلسلة القرارات والفرامين التي تبعته، إلا أن كتب التاريخ تسرد بفخر كيف أن الناس والتجار احترفوا حيل الالتفاف حول المنع وتصف ازدهار صناعة قراصنة الرقيق؛ وكيف أن أسواق الرق استمرت في العديد من مدن وعواصم المنطقة إلى أواسط الستينات من القرن العشرين، ولم تختفِ إلا بعد سلسلة من الضغوط والاتفاقيات الدولية الجادة، فلولا هذه الضغوط لكانت بعض هذه السواق عامرة حتى اليوم.

الحقيقة الثانية الأكثر ايلاما أن تجارة الرقيق ومقاومة الجهود الحثيثة لمنعها منذ صدور الفرمان العثماني كان مدعوما وبصورة منهجية ومكثفة من قبل العديد من رجال ومؤسسات الفكر والدين والعلم والسياسة. وانه لسبب ما نسى ذلك الجيل أو بالأصح رفض أن يتعلم من الهدي المحمدي العظيم تلك القيم الأخلاقية والانسانية النبيلة التي بعث بها إلى البشر. تناسوا بأن توحيد الخالق عز وجل يستلزم وحدة وتساوي البشر فلا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود الا بالتقوى. وتجاهلوا كيف أن تعاليم وأحكام عتق الرقاب أتت لتهذب المجتمعات ولتستأصل منها هذه العادة المسيئة لا أن تؤصلها وتحولها إلى تجارة رابحة. وأغمض الطرف عن: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً. وللأسف أصبح من يُعوّل عليهم في تربية العقل والروح والأخلاق من رجال التعليم والدين والفكر هم أكثر المدافعين عن بقاء الرق والمروجين لها. فارتفعت الصيحات وتوالت الخطب والرسائل، ولُعِنَ دعاة حرية الرقيق على المنابر ووصموا بالزندقة والعمالة، واعتَبَرَ المفكرون إلغاء الرق غزوا فكريا وتنازلا عن القيم والمبادئ، فاختلط الحابل بالنابل وتمادى البعض إلى درجة اعتبار حرية العبيد تعطيلا لحكم الله وشرعه، واستنكروا على الحكام مساعيهم لمنع الرق والنخاسة، ووصل الأمر بالبعض إلى حمل السلاح، وسطر لنا التاريخ أحداثا مؤلمة بسبب تقديس سفك الدماء وشحن الشباب المتحمس محدود الفكر لضرب مصالح مجتمعاتهم واوطانهم ومنع تقدمها. 

ولكن ما علاقة كل ما سبق بالتعايش والتسامح في مجتمعاتنا؟ هل هناك ما يمكن أن نتعلمه من تاريخنا لتحسين مستقبلنا؟ إن منطقة الشرق الاوسط تعيش واحدة من أسوأ مراحلها في التاريخ الحديث، تفكك متسارع وتشاحن متزايد وصراعات مستعرة ودماء تسفك صباح مساء. فقدنا مهارات التعايش واحترفنا فنون الكراهية. نسينا التسامح وتشبثنا بكل ما يمكن ان يزيد التباعد. مذاهب تتصارع وأقليات تضطهد، عصبيات تشتعل وكراهيات تحرق الأخضر واليابس.  انها نفس القيم الأخلاقية التي نسيناها عندما كنا نستميت دفاعا عن استعباد البشر. مرة أخرى نتجاهل القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية التي جاد بها خالق السماء، ونتناسى ما أتمه الحبيب المصطفى من مكارم الأخلاق. غفلنا بأننا خُلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف ونتآلف، وبأن التنوع والاختلاف سنة ومشيئة ربانية ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا.   مرة أخرى نسى العديد ممن يفترض منهم تربية وتهذيب الأمم فكريا وروحيا من رجال الفكر والدين والتربية والسياسة واجبهم الوجداني والإنساني المقدس، وتفرغوا لشحن البشر وسَوق الناس نحو التشاحن والكراهية.  فتمزقت الشعوب وتفرقت الاسر وساد التباغض والتعصب. انتقوا من التاريخ كل ما من شأنه تأليب الأحقاد وسكتوا عن كل ما يمكن أن يوحد البشر ويؤلف بين قلوبهم. واستغلت طاقات الشباب أسوأ استغلال فزج بهم وقودا في أتون الصراعات الفكرية والمذهبية والقومية. وأصبح دم ومال وعرض الإنسان أرخص ما في هذه المعادلة اللاإنسانية.

لم يشهد تاريخنا الحديث مرحلة احتجنا فيها إلى صوت العقل والضمير وإلى المخلصين من رجال الفكر والدين والتعليم والسياسة أكثر من يومنا هذا. وما من لحظة كنا أحوج فيها إلى الدعوة إلى التعايش والتسامح والتقارب بين مختلف مكونات مجتمعاتنا أكثر من هذه اللحظة.  علينا أن نتذكر بأن المآذن والمعابد وأجراس الكنائس ليست لدق طبول الحرب والشقاق، بل لتهذيب الأمم وبث مكارم الأخلاق.

ستمر الأيام وستنتهي هذه الصراعات عاجلا أم آجلا وستسقط عن تعصباتنا كافة قشور التبرير الموهومة، ولن يجد كل من عمل على نشر التعصب والشقاق ومحاربة التقارب والتعايش وكل من ساهم باختياره الصمت والسكوت عن الحق – ورقة توت اخلاقية واحدة يستر بها عورته ويبرر بها فعلته. فيومها إما تغبرّ وجوهنا وتسود سيرتنا كمن دافعوا عن الاستعباد وبيع البشر من قبل، أو تستنير فتُزرع الورود في ذكرى نفوس عملت بإخلاص من أجل السير بمجتمعاتنا نحو القيم الإنسانية. فالتاريخ لا ينسى ولا يغفر.

ممدوح الروحاني
صحيفة الأيام 
نبراس نيوز 


التعايش والتقارب بين الأديان والمذاهب - خيار أم مصير

التعايش والتقارب بين الأديان والمذاهب
خيار أم مصير



يتناول عالم اليوم حوارا مستفيضا حول التقارب والتعايش بين مختلف مكوناته الحضارية والدينية والأثنية والقومية.  وتزايد الاهتمام بقضية الحوار والتعايش والتسامح بين الأديان والمذاهب بشكل ملحوظ خلال العقدين الأخيرين، وتطور من اهتمام نخبوي محصور إلى حد كبير في أروقة المنظمات الدولية، إلى شأن عام عالمي فرض نفسه على صفحات وسائل الإعلام الجماهيرية وشاشاتها وانعكس بشكل ملحوظ على حوارات المجتمعات والأفراد وعلى المناقشات والسجالات الدائرة على صفحات المواقع الاجتماعية.

وتزايد اهتمام العالم بوجه عام والعالمين العربي والإسلامي بوجه خاص بالحوار بين الاديان والحضارات نتيجة عاملين رئيسين أولهما:  ظهور رؤى وفرضيات سياسية اجتماعية تتناول بدرجات متفاوتة من الريبة والتشاؤم ما يمكن أن يحدث للعالم نتيجة صراع حضاري مدعوم بالهوية الدينية أخذت ملامحه تلوح في الأفق – من وجهة نظر أصحاب هذه الافكار.  وقد تكون اطروحات مفكرين سياسيين مثل فوكوياما و هنتنجتون حول صراع الحضارات ونهاية التاريخ من أشهر افرازات هذا التوجه الفكري الذي دق ناقوس الخطر منذرا بقرب صراع حضاري عنوانه الرئيسي الدين.  وبغض النظر عن مدى دقة هذه الرؤى والأهداف التي قد تكمن خلفها فإنها كانت كفيلة بتسليط الضوء على أهمية ردم الهوة وبناء جسور الحوار بين الحضارات والأديان في العالم.

العامل الثاني – والأكثر أهمية – هو ما يشهده العالم من صراعات سياسية وعسكرية مؤلمة  ودموية تستمد وقودها من خلافات وصراعات دينية ومذهبية تستنفذ أرواح ومقدرات وأحلام وطموحات العديد من شعوب العالم، إلى جانب ما يحدث من انتهاكات واضحة وصارخة لحقوق الإنسان باسم الدين وتحت ستار التمسك بالموروث والنص الديني.  ورغم أن اكثر شعوب ودول العالم تقدما لم تسلم أيضا من ظهور الأفكار والجماعات الدينية المتشددة والتي تتخذ من الفهم القاصر للدين ذريعة لوضع السياسات وتحديد المصالح، إلا أن العالم الإسلامي عموما والعربي على وجه الخصوص كان له النصيب الأكبر والأكثر وضوحا فيما يتعلق بهذه الصراعات العقائدية.

وبغض النظر عما إذا اعتبرنا هذه الصراعات المتصاعدة مؤشرا لقرب نهاية الجنس البشري وبدء العد التنازلي للوصول إلى نقطة النهاية أو القيامة؛ أو اعتبرناها سنة كونية لتصحيح مسار البشرية وتطهيرها من حيث لا تدري من موروثاتها وتعصباتها التي أثقلت حركتها؛ فإن عالم اليوم يدرك وبشكل متزايد أهمية الحوار والتقارب بين الحضارات وأتباع الأديان، كما أن الحكومات والمنظمات ومفكري العالم يعون المسئولية التاريخية الأخلاقية الملقاة على عاتقهم لردم الهوة ونزع فتيل الشقاق وبناء أرضيات للحوار والتعايش.  إلا أنه في الوقت نفسه يجب الاعتراف بأن الكثير من هذه المجهودات – خاصة في منطقة الشرق الأوسط –  لا تحقق مقاصدها السامية نتيجة لبقاء الكثير من الأفكار حبيسة مفاهيم وتعريفات وأوضاع اجتماعية قاصرة كانت في الأصل جزء من المشكلة وأصبحت اليوم عائقا أمام حلها.

فمن غير المنطقي تصور تحقيق تقدم في اتجاه التقارب والتسامح والتعايش بين أصحاب الأديان في ظل مفاهيم ترى على سبيل المثال:
·         قصر التعايش على اتباع اديان محددة فقط – في الغالب لا تتجاوز الثلاث،
·         أو تصنف المعتقدات بين سماوية وغير سماوية،
·         أو تتناسى بأن مكارم الأخلاق وحسن التعامل مع الجميع قاسم مشترك بين الأديان بل والسبب الأصلي لوجودها،
·         أو تجعل مشاعرها رهينة لأحداث او صراعات قديمة وتنسى الواقع الإنساني المعاصر،
·         أو تحاول تبرير العنف اللساني والبدني الذي يمارسه المتعصبون في مجتمعاتهم وتلبسه رداء القبول دينيا،
·         أو تغمض الطرف عن الكم الكبير من الموروث الديني والنص المقدس والاحداث التاريخية التي تدفع في اتجاه التقارب والتعايش، وفي المقابل تمجد أحداث وموروثات أخرى تؤصل للاختلاف بدعوى أن هذا ما وجدنا عليه آباءنا.

لا يمكن للنوايا الصادقة والمجهودات الحثيثة والمساهمة الجادة في اتجاه التعايش والتقارب أن تؤتي ثمارها وتحقق نتائجها المرجوة دون وضعها على مسارها السليم وتبنيها بمعانيها الشاملة لكافة أبناء الجنس البشري، والعمل بصورة بناءة من أجل الارتقاء بالوعي المجتمعي وتصحيح المفاهيم والمسلمات التي تعيق سير عملية التقارب والتعايش في مجتمعاتنا.  وهذا يتطلب العمل على تحفيز وتقوية الحوارات والنقاشات المجتمعية والتي تدعم تصحيح المفاهيم المغلوطة والمسلّمات المعيقة، وفتح الأفق أمام المفكرين ورجال الدين وصنّاع القرار ليعيدوا قراءة موروثهم المعتقدي في ظل معطيات العصر، واعادة اكتشاف ما تذخر به كتبهم ونصوصهم من جواهر ثمينة وقيم نبيلة.

إن قراءة متأنية لمجتمعاتنا واحتياجاتها والأزمات التي تمر بها المنطقة تكشف لنا مدى حاجة هذه المجتمعات إلى التخلص من التعصب المتزايد، وفتح حوارات عميقة حول التعايش والتآخي بين مختلف المذاهب والأديان في إطار المجتمعات العربية نفسها وفي اطار تفاعلها مع العالم من حولها.  إنها مسئولية أخلاقية ووجدانية وايمانية جسيمة تقع على عاتق كافة المفاصل الفاعلة في مجتمعاتنا وخاصة رجال الدين والمؤسسات الدينية لتصحيح الأعراف السائدة والمفاهيم الخاطئة والمشاعر السلبية المتراكمة والكراهيات المتزايدة والتي اصبحت سببا رئيسا في بطء حركة بناء مجتمعاتنا، وحرمان بعض مجتمعات المنطقة من أبسط متطلبات الحياة الكريمة ناهيك عن التقدم والازدهار.

ما يثلج الصدر ويبعث على الأمل ويزيد في نفس الوقت من حجم مسئوليتنا جميعا تجاه مجتمعاتنا هو البروز التدريجي لعدد متزايد من رجال الدين والشخصيات الاجتماعية البارزة والمفكرين والإعلاميين في مختلف أرجاء العالم الإسلامي ممن استشعروا أهمية التعايش والتقارب ويعملون بشجاعة وبسالة من أجل إنقاذ مجتمعاتهم وتصحيح مسار نموها الفكري والروحي. إنها نماذج ومبادرات تستحق الدراسة والتحليل والاحترام.

ممدوح الروحاني
صحيفة الأيام